الخطبة الشامية
بديع الزمان سعيد النورسي
بسم الله الرحمن الرحيم
التحيات لله الذي قال "لاتقنطوا من رحمة الله" والصلاة على محمد الذي قال جئت لاًتمم مكارم الاخلاق. وبعد:
يا ايها الاخوان العرب! ما قمت هذا المقام لارشادكم، لانه فوق حدى. بل مثَلي معكم كمثل صبىّ ذهب الى المدرسة، ثم رجع في المساء الى ابيه فعرض درسه على ابيه. نعم نحن الاكراد صبيان بالنبسة اليكم وانتم اساتيذنا.
ثم اني تعلمت من زماننا هذا، ان الذي اوقفنا في القرون الوسطى مع طيران الاجانب في الترقى الى الاستقبال (ستة امراض) وهي: حياة اليأس. وموت الصدق. ومحبة العداوة. والجهل بالرابطة النورانية. والاستبداد المنتوع السارى. وقصر الهمة على المنفعة الشخصية.
فاقول لكم ست كلمات هي الاساس:
(الك&
#1604;مة الاولى : (الامل) أبشركم -على حسابي- معاشر المسلمين بان سعادة الاسلام وبالخصوص سعادة العرب الذين بتنبّههم ترقى الاسلام، فجرها الصادق قد تنفس.. وقد اقترب طلوع السعاة على رغم انف اليأس. وأنا اقول بحيث أسمع الدنيا بان الاستقبال للاسلامية ليس الا… رضينا القسمة لنا الاستقبال، فليكن للاغيار الماضى المشوش. هذه دعوى لى عليها براهين اذكر من تلك البراهين هنا برهاناً ذا مقدمات ونصفاً. هو ان الاسلامية تستعد حقيقة لانْ تترقى معناً ومادة.
اما الجهة الاولى: فاعلموا ان التاريخ وهو اصدق شاهد على الحقيقة يرينا ان بنسبة قوة الحقيقة الاسلامية يتمدن اهل الاسلام. وبضعفها يتوحشون، ويصيرون في حيص بيص. وسائر الاديان بالعكس من ذلك. بضعفها التمدن، بقوتها التوحش… الى الأن هكذا مر الزمان. وايضاً ان التاريخ من عصر السعادة الى الان لا يظهر لنا ان مسلماً قد دخل في دين اخر عتيقاً او جديداً بالمحاكمة العقلية، وبالدليل العقلى، وبترجيحه على الاسلامية بالبرهان. واما التقليد فلا عبرة به. واما الخروج من الدين، تلك مسألة اخرى. مع ان أتْبَا ع كل الاديان حتى الشديد التعصب في دينهم ومسلكهم كالروس والانكليز تدخلون في الاسلامية يوماً فيوماً، فوجاً فوجاً بالبرهان القاطع. فان اظهرنا مكارم الاخلاق الاسلامية فافواجاً افواجاً. وايضاً ان النوع البشري، لاسيما اذا تنبه بايقاظات الفنون المدنية لايتعيشون ولا يكونون بلادين هملاً. لان (نقطة الاستناد) عند مهاجمات العاديات الخارجية ومصايب العالم، وان (نقطة الاستمداد) لآمال البشر الغير المحدودة الممتدة الى جانب الابد انما هي (معرفة الصانع) و(الدين الحق) في صدف القلب.
الحاصل: ان البشر تنبه وعرف جوهر الانسانية. وان الانسان مبعوث الى الابد. وان هذه الدنيا الفانية الضيقة لاتسع آمال الانسان الغير المتناهية. حتى ان هذه الدنيا لاتشبع احد خدام الانسانية وشاعرها، اعنى الخيال. حتى لو قيل: ( ايها الخيال) لك الدنيا بمليون من العمر، ثم العدم لا الى عود. فبدلاً مِنْ ان يستبشر، يتأسف. ويصيح بأيواه ( اي : وا اسفاه! – الناشر ﴾ من فقدان السعادة الابدية. ولهذه النكتة تولد من غور قلب كل احدٍ (ميل تحرى دين الحق) والوجود شاهد.
وايضاً ان فواتح كثير من الآيات وخواتمها تحيل البشر على العقل، والمراجعة الى الشورى مع الفكر. فانظروا كيف تقول: "فاعلموا فاعلم، افلا يعلمون، افلا يعقلون، افلا ينظرون، افلا يتذكرون، افلا يتدبرون، فاعتبروا" الى آخره. فاعتبروا انتم ايضاً يا اولى الالباب!
الحاصل نحن معاشر المسلمين (نتبع البرهان) لسنا كمن تركوا التقلد بالبرهان لتقليد الرهبان. وايضاً ان الحجاب الذي بحيلولته كسف شمس الاسلامية، قد انكشف. وأنّ الموانع لتجليها قد انقشعت.
نعم ان المانع لاستيلاء حقيقة الاسلامية على (قطعة زمان الماضي) بتمامها هو جهل الاجانب، ووحشتهم، وتعصبهم. وقد تلاشت بهمة المعرفة والفن. وكذا تقليد القسّيسين، ورياستهم. وقد زالت بفكر
الحرية وميل تحري الحقيقة. وكذا استبدادنا الذي هو ثمرة استبدادنا الّذى هو ثمرة استبداد الاجانب علينا، وسوء أخلاقنا بسبب مخالفة الشريعة، وبسبب تقليد آوروبا ومحبتهم المشئومة. وقد زَالت قوة الاستبداد بانتباه طبقة العوام وحركتهم، وتزلزل سوء الاخلاق بانقلاب محبتهم المشئو&#
1605;ة المولدة للتقليد خصومة منفرة من التشبه بهمة الحمية الملية. وكذا توهم معارضة بعض مسائل الفنون لبعض ظواهر الاسلامية. وقد زالت وتزال بهمة بعض محققى الاسلام. وانا ايضاً كتبت لدفع هذا التوهم كتاباً.
اجل! الآن جهز ال&
#1605;عرفة والمدنية (ميلان تحرى الحقيقة) (والانصاف) (ومحبة الانسانية) فارسلتها الى ذلك الموانع فهزمتها، وستفرقها شذراً مزراً. والفضل ما شهدت به الاعداء، هذه (مستر قارلائيل) من اشهر فلاسفة امريكا قد نادى باعلا صوته بما مأله هذا: "ان الاسلامية طلعت كالنار الجوالة فابتلعت سائر الاديان الّتى كأغصان الشجراليابس، فحقّ الاسلا مية البلع. لأن سائرالاديان بالنسبة اليها غير ماصدقها كلا شئ. واجدر كلام ان يستمع أولاً كلام محمد عليه السلام، لان كلامه هو الكلام. واذا اشتبهت في حقيقة الاسلامية لابد ان تشتبه في البديهيات". انتهى بالتلخيص متفرقاً.
فأنا اقول ولا ابالى استناداً بإنبات اوروبا وامريكا امثال هذا المحقق، واحكم ان اوروبا حاملة بالاسلامية فستلد يوما ما!..
يا ايها الاخوان! افلا تنتج هذه المقدمات ان الحاكم في شواهق الاستقبال انما هو الاسلامية ليس الا…
واما (الجهة الثانية) اعنى الترقى المادي فاعلموا انه قد اجتمع وامتزج في قلب العالم الاسلامي (خمس قوىً) لاتقاوم.
القوة الاولى: استاذ كل الكمالات (*) ، والتي صيرت ثلاثمائة وثلاثين مليون نفس كنفس واحدة، المجهزة بالمدنيّة الحقة والفنون الصادقة ، الا هي (الحقيقة الاسلامية).
(*) (اني افهم من اشارات استاذية القران في قصص معجزات الانبياء للعبرة ارائة، ووضع القران اصبعه على نظائر نتائج مساعي البشر في الترقي في الاستقبال الذي هو مراة الماضي، كأنّ القران يمسح بيده ظهر البشر ويقول له اسع في الوسائل التي توصلك الى اشباه بعض تلك الخوارق. كـ (غدوها شهر ورواحها شهر) و(تبرئ الاكه والابرص باذنى) و(فانفجرت منها اثنتي عشرة عين) و ( يانار كوني برداً وسلاما) و (لولا ان راى برهان ربه) اي بمثال يعقوب عليه السلام وامثالها. مثل (والنا له الحديد) وقد قيل ان الساعة والسفينة اول ما اهداهما للبشر يد المعجزة. )
والقوّة
والقوة الثالثة: معلمة المعالى، ممزقة الاستبدادات، مهيّجة الحسيات العلوية، المجهزة بالغبطة والحسد والتنبّه التام. مع كوننا في السفالة التامة. وبشوق المسابقة، وميل التجدد، وميلان التمدن، الا وهي (الحرية الشرعية) الممتزجة بميل المعالى.
والقوة الرابعة: الشهامة الايمانية، المجهزة بالشفقة. اعني ان لا يتذلل ولا يُذلل. وهما اساسا الحرية.
القوة الخامسة: (عزة الاسلامي
77;) الآمرة باعلاء كلمة الله المتوقف ذالك الإعلاء في هذا الزمان على الترقى مادة والمدنية حقيقية، كما على تمزيق التعصب وكسر العناد بالسلاح في الماضي. الا ان مرادى من المدنيّة محاسنها لاذنوبها التي تظنونها محاسن. نعم لما لم تتأسس مدنية الاجانب على الفضيلة والهدى، بل على التهوّس والهوى، تغلبت ذنوب المدينة على حسناتها، فصارت مدنيتهم كشجرة مسوسة بالفرق الاختلالية. وهذه الحال مدار لغلبة مدنيّة آسيا. فيا للعجب اذا كان الطريق لنا الى الاستقبال هكذا كسكة الحديد، كيف تقعون في اليأس، كيف تظنون ان العالم لكل العالم عالم الترقي بسر ميل الاستكمال، ولنا خصوصاً دنيا التدنى.. فانظروا ان الزمان لا يتحرك على الاستقامة حتى يتباعد المبدأ والمنتهى، بل تدور حركة وضعية في
span> ضمن الترقى متصاعداً. فبعد كل شتاءٍ ربيع، وبعد كل ليل صباح.
وامّا نصف البرهان هو هذا: قد ثبت بالاستقراء التام بجواسيس الفنون ان الخير، والحسن، والكمال هو المقصود بالذات والغالب المطلق في نظام الكائنات. بدليل أن كل فنّ من فنون الكائنات كشاف بكلية قواعده عن اتساق وانتظام لايعقل اكمل منه. و الاستقراء انتح ان الشر والقبح والباطل جزئي، وتبعيّ، ومغمور في الخلقة. وان اكرم الخلق (البشر) بدليل كشفه لترتب العلل المتسلسلة في الخلقة بصنعته. وان الاشرف (أهل الحق) ، اي الاسلامية بشهادة حقائقها. وان افضل الكل محمد عليه السلام بشهادة اخلاقه ومعجزاته..
فاذا كان هذا هكذا ، أيقتدر نوع البشر بشقاوته على جرح شهادات الفنون، وعلى نقض الاستقراء التام، وعلى التمرد في مقابلة المشيئة والحكمة الازلية!.. والذى أحكم العالم بالنّظام الأكمل لايهضم البشر بسلامة الامير مخالفته لنظام الكائنات، في غلبة الشر في ذلك النوع في الوف من السنين، الاّ ان يعد البشر طفيلياً في هذه العالم مع كونه (الخليفة). فانتج من هذا النصف، ان الخير والدين الحق في الاستقبال يكون الغالب المطلق الذي فيه الخير والفضيلة. حتى يتساوى البشر مع اخوانه سائر الكائنات، ويحق ان يقال ان نوع البشر تقرر فيه سر الحكمة .
الكلمة الثانية : مما اولدتها تجاربى هذه ان الياس اشد مرض ألّم بالاسلام، وهو الذي قتلنا، وأمات اخلاقنا العالية، وكسر قوتنا المعنوية. حتّى ان المرء بتكاسل غيره يقع في الياس والفتور، ويظن قصور غيره عذراً لقصوره.
نعم : ان اليأس (سرطان الامم). أجلّ ! ان اليأس مانع كل الكمالات ومخالفة (لانا عند ظن عبدي بي)، وشأن العجزة. وليس من شأن شهامة الاسلامية، لاسيما العرب ذوى المفاخر، اليأس الذي ينشأ من العجز.. نعم، توهمنا ايانا سفلاء، فتسفلنا.
الكلمة الثالثة: التي تمخضها لى التحقيق ان (الصدق) هو اس اساس الاسلامية، ورابطة اخلاقها العالية، ومزاج الحسيات العلو
610;ة. الا فاحيوا وداووا مابه قوام حياتنا. اجل: ان الصدق هو العقدة الحياتية للاسلامية. وما الرياء الا نوع من الكذب الفعلى. وما النفاق الا صنف من الكذب. وما الكذب الا افتراء على قدرة الصانع. والكفر كذب، والايمان صدق. فالمسافة بين الكذب والصدق فراسخ، كما بين الشرق والغرب، والنار والنور.
فبالاستطراد اقول لكم نكتة من علم الحديث وهي: ان رواية الصحابة رضي الله عنهم لاتحتاج الى التزكية، فكلهم عدول عدالتهم محققة، لا كالقرون الاخرى فانهم يحتاجون الى التزكية. السر في هذه الحكمة: ان الصدق لما اظهر في عصر السعادة كل حسنه، وبُعْد درجته عن الكذب، واوقع انقلاباً عجيباً في العالم؛ فترقى محمد عليه الصلاة والسلام بالصدق الى اعلى عليين الكمال، راج في سوق العالم (الصدق)، كما الحرية الشرعية الآن. ولما اظهر الكذب نهاية قبحه، وغاية بعده عن درجة الصدق، حتى تسفل امثال مسيلمة < /font>الكذاب به الى اسفل سافلين الخسة، كسد الكذب، كما الجاسوسية الان. وما صادف من يشتريه ، فانفرج المسافة، واتسع الميدان بين الكذب والصدق. فراج جوهر الصدق، وكسد الكذب متاع الغرور!.. فاذ وقع هذا هكذا ،تسابق العرب الذين في فطرتهم ميل المعالى، وفي طبيعتهم الشوق الى اخذ الرائج من كل شئ، وفي جبليتهم ميلان المفاخر، متسارعين الى ان اشتروا الصدق وتزينوا بالحق، فرفعوا اعلام الشهادة على عدالة الصحابة!..
ثم لمّا امتد الزمان وتضايق المسافة بين الضدين بمقدار اصبع، حتى ان الرجل لايبالى ايصدق ام يمين، اختل الاحوال الى
ما ترون بعين التاسف. حتى لو امعنتم النظر ترون رجال السياسية كيف اضطروا لدفع ضرر الكذب لتأسيس وظائف قد تنجرّ الى التسلسل. فيا ايها الاخوان! الصدق هو النجاة. والصدق هو العروة الوثقى. واما الكذب للمصلحة، فالزمان نسخ. لان المصلحة كا (المشقة) في السفر ليست بمحدودة حتى تناط بها الحكم. إمّاالصدق، وامّا السكوت!..
الكلمة الرابعة : مما انتجتها التحقيقات هي (المحبة). اعنى ان اجدر شئ بالمحبة المحبة. واليق صفة بالخصومة الخصومة. فان شئتم ان تخاصموا شيئاً فعليكم بالخصومة، فانها هي العدوة الغدارة. نعم ان وقت الخصومة قدانقضى، ليس فيها فائدة اصلا، فلا تغتروا بما سولت لكم انفسكم بان خصومتنا لسيئات خصمنا.. لا بل لغروركم، ونفسانيتكم. فانتم من حيث لاتشعرون بطبع الخصومة تنـزلون وتخففون بل تحقرون اسباب المحبة التي كالجبال بالنسبة الى اسباب العداوة. والمحبة والعداوة كالضياء والظلمة لا تجتمعان حقيقةً. اماأن تغلب ا لمحبّة فتنقلب العداوة شفقة وترحماً وتوجعًا. واماالعداوة تغلب فتنقلب المحبّة مماراتاً ومماشاتاً. فأسباب المحبّة الايمان، والاسلامية، والجنسية، والانسانية. وهي ارحج من الجبال. وسبب العداوة بعض السيئات الخصوصية كالحجيرات، فمن غلب في طبعه العداوة بالمسلم فهو كمن يستخف بجبل احد وقال هو اصغر من الحصاة.
النتيجة: ان المحبة هي مزاج الاسلامية. ارى مثل اهل العداوة كمثل صبي مختل المزاج ان يبكى فيتحرى ما يتباكابه.
أفلا تحسنون الظن كل ما امكن لكم سوء الظن!..
الكلمة الخامسة: مما علمتنا الشورى ان ذنب الفرد في هذا الزمان ليس ذنباً واحداً، بل تنوف على الف. وان الحسنة المنفردة لاتبقى حسنة فزة، بل تترقى على الوف. وسره: ان الشورى عرّفتنا حاكمية الملية، ومليتنا مجدولة محكمة ممتزجة من روابط الاسلامية. والملية مع كونها صدف الاسلامية، رابطة تصير عموم الاسلام كعشيرة واحدة يرتبط بعضها ببعض، ويشد بعضها بعضاً، كانهم مربوطة بسلسلة نورانية. فكما ان فرداً من عشيرة اذا جنى جناية يصير افراد العشيرة بتمامها في نظر عشيرة اخرى متهمين، كأن كلا جنى. واذا فعل حسنةً افتخر كل من العشيرة به كانه هو فعله، كذلك ان السّيئة في هذا الزمان لاتنحصر على صاحبها بل تتجاوز الى حقوق ملايين من النفوس. ياهؤلاْ لاتعتذروا باننا لانضر، ولانقتدر على النفع. كلاّ ان كسلانكم واعتزالكم ضرر اي ضرر علينا. وكذا ان الحسنة لاتتوقف على فاعلها، بل تسرى الى ملايين من النفوس فتقوى رابطة حياتهم!
أيها الاخوان لاتظنوني اني قمت لنصيحتكم، بل ادعى منكم حقنا. لان منافع&#
1606;ا مربوطة بكم، فبتكاسلكم نتضرر!.. يا معاشر العرب! ان اول من يخاطب بهذا الكلام انتم، بانكم اساتيذنا. وكنتم ائمتنا وحماة الاسلامية. فذنبكم اعظم واعظم. وحسنتكم هي العليا. الالا تتخيلوا انى استنهض الهمم للاشتغال بالسياسية، لانكم لاتقرئون من بعيد الخطوط الدقيقة في حواشى السياسية. لاني اتصور هيئة الاجتماعية فابريقة ذات دواليب متأخية، فان تبطأ جرخ او تجاوز الى جاره، اختلّ ميخانيقية الماكينة. هذا، اني بكمال التاسف والتلهف اقول: ان الاجانب كما اخذوا اموالنا الغالية واعطوا بدلها ثمناً بخساً، كذلك سرقوا اخلاقنا العالية التي تنبت من معدن الدين الحق واعطوا في مقابلتها اخلاقهم السيئة. مثلا ان الرجل منهم يقول: "ان امت، فليحيا ملتى، فان لي فيها حياة باقية" هذه في الاصل كلمتنا
التي تولدت من الدين الحق، وهي الاساس المتين لترقياتهم سرقوها منا. ورجل منا يقول: ان امت عطشاً فلا نزل القطر، وان لم ار فلتكن الدنيا كما شائت. هذه هي الكلمة الحمقاء التي تولدت من عدم الدين وعدم ال
5;قرار بالآخرة قد تداخلت الينا.
وايضاً بفكر الملية يصير الفرد فيهم كالملة، لان قيمة المرء بنسبة همته. ومن همّته ملّته ، فهو برأسه ملة. وبقصر النظر في بعضنا مع جلالة استعدادنا قد يكون الالف منا كواحد. من كان همته نفسه، فليس من الانسان. لانه مدني بالطبع. ويلاحظ ابناء جنسه.
الكلمة السادسة: ان مفتاح سعادة الاسلامية انما هو الشورى. وقد الفت في حقائها كتاباً، من اراد فليراجع اليه. وكذلك ان كشاف طالع آسيا ومفتاح قيود الاستبدادات المتنوعة على رِجْلِ ثلاثة مأة مليون من الاسلام انما هي الحرية المتولدة من الشهامة والشفقة الايمانية والمتزينة بالآداب الشرعية، اعني يقتضي الايمان ان لايذلل ولا يتذلل. من كان عبدًالله لايكون عبداً للعباد. لايجعل بعضكم بعضاً ارباباً من دون الله. (نعم حرية عطية الرحمان، اذ انها خاصية الايمان). فليحيا الصدق. ولاعاش اليأس. فلتدوم المحبة. ولتقوى الشورى. ان الملام على من اتبع الهوى. والسلام على من اتبع الهدى..